إذا أردت أن تستشعر السعادة، فكن مع الله واعرف من البداية طريقك ومنهجك فى الحياة حتى لا تشتت ذاتك، وحاول دائما أن تملأ الفراغ الموجود فى حياتك بأى شىء ذى قيمة، حتى لا تكون فريسة سهلة لعوامل الهدم، فأكثر الناس شقاء هم من لا هدف لهم، لا تجعل توافه الأشياء تقيد وتسلسل ذاتك، ولا تنظر إلى نواقص نفسك فقط حتى لا تشعر دائماً بقسوة الحياة وتقف عندها بل انظر إلى نعم الله عليك التى لا تعد ولا تحصى، فكن جميلاً كما خلقك الله مهما كانت ظروفك وتطلع إلى الغد على أنه أفضل الأيام، كن مع الناس ولا تتعالى عليهم حتى لا تشعر بالغربة فى تعاملك معهم وخاطب الناس على قدر عقولهم فالبشر مختلفون بطبعهم، لا تنظر إلى أحلامك مرة واحدة حتى لا تشعر بالصدمات الكهربائية بل حاول أن تؤدى الواجب المطلوب منك الآن فى حدود يومك، وإذا حققته تطلع إلى خطوة أخرى، ثق بنفسك بأن الله معك فى كل خطوة تخطوها، واستشعر بداخلك الصفاء النفسى والرضا ولا تسخط من أى شىء حتى تجنى الثمار الطيبة، ولا تنتظر الشكر من أحد على ما تفعله، بل شيد بنفسك أسوار المحبة مع من حولك واترك فى كل مكان بصمة لحياتك فأنت فى منافسة عظيمة لنيل رضا ملك الملوك، فأنت لم تأت إلى الدنيا لجمع المال وبناء البيوت والقصور فذلك أمر هين ولكن اسعى إلى الخير فى دنياك واقترب بعبادتك وإخلاص نواياك تفوز برضا الرحمن، ولا تعادى من يكرهك وتجعله محور حياتك بل كُن أكبر من ذلك، فقط اتركه وسر فى طريقك وادعو له بالهداية فصمتك وسعيك للخير ونجاحك أكبر دليل للرد عليه، ولا تحزن على شىء فاتك فأجمل الأشياء والأيام لم تأت بعد، ولا تعكر صفو حياتك بماضيك فكل البشر ذوى خطأ ولكن اسعى وجاهد نفسك فأنت فى جهاد مستمر إلى يوم الدين فالنفس دائما أمارة بالسوء، قد أفلح من زكاها وقد خاب من تركها لعوامل التعرية والفساد وتحلى دائماً بالصبر، واطلب من الله أن يمنحك القوة الداخلية لتستمر فى طريقك، وتذكر دائما أن الطرق المسدودة لن تبقى مسدودة وأنك بفضل الله سوف تأخذ نصيبك من الدنيا ما دمت تعرق وتكافح فلكل مجتهد نصيب، وإذا أردت أن تشكو حالك فاتجه بكل وجدانك إلى الرحمن الرحيم، إن السعادة التى نريدها هى السعادة الداخلية أنت التى تصنعها وليست الظروف التى تمر بها، فهناك كثير من الناس يملكون كل مقومات السعادة وما يشعرون بالغربة الداخلية والعكس تجد ناسا عادية وتجد فلسفتهم فى الحياة تشعرك بالرضا والصفاء فالسعادة نسبية تختلف من شخص لآخر حسب ميوله وتفكيره ومعتقداته.. املأ قلبك باليقين واستشعر السعادة.
يقول ناظم حكمت الشاعر التركى:
"أجمل الأنهار لم نرها بعد.. أجمل الكتب لم نقرأها بعد.. أجمل أيام حياتنا لم تأت بعد!".